السبت، 11 مايو 2013

جني الزيتون بين التقليدي والميكنة.



في جل البلدان المنتجة للزياتين تعتبر عملية الجني من أهم مشاكل القطاع.  تكاليف عملية الجني غالبا ما تضاهي أو تفوق بقية المصاريف المتعلقة بقطاع الزياتين. فضلا عن تأثيرها المباشر على نوعية الزيوت باعتبارها عملية حساسة تتعلق بحبوب الزياتين مباشرة. تعتبر عملية الجني نتيجة نهائية لموسم الزياتين برمته، لأنه من خلالها نقدر ما إذا كنا في دائرة هامش الربح  من عدمه. مصاريف الجني في بعض البلدان تقدر بما لا يقل عن 80 بالمائة من مجموع مصاريف العناية، ويمكن الجزم بأن باب ربحية القطاع يتحدد من خلال تكاليف الجني.
تستعمل في الجني التقليدي للزياتين عديد من الطرق :
أهمها وأخطرها في الواقع ضرب أغصان الشجرة بالعصي ( GAULAGE) وهي عملية يمكن من خلالها إسقاط حبات الزيتون فوق فراش طرح خصيصا تحت الشجرة ، لهذه الطريقة العديد من المساوي سواء على الشجرة التي تفقد العديد من النموات الغضة الحاملة لثمار السنة المقبلة (تكرس عملية المعاومة) أو على الثمار التي يمكن إتلاف جزء كبيرا منها مما يؤثر سلبا على نوعية الزيوت.


الطريقة الثانية هي استعمال أداة تقليدية في شكل قرون كبش منحرفة نسبيا تحاكي انحراف الإصبع البشري توضع في أصابع اليد وتمرر الأغصان الحاملة للثمار بينها بحيث تسقط الثمار فوق البساط المفروش تحت الشجرة هذه الأداة تسمى في تونس " صوانع " وهي طريقة جني سليمة لا تأثر الكثير على الشجرة ولا على الثمار.
الطريقة الثالثة تتمثل في استعمال أمشاط من البلاستيك معدة للغرض وهي طريقة معروفة بأغلب الدول المنتجة للزيتون وهي تحاكي الطريقة الثانية في إسقاط الزياتين وجمعها من على البساط المفروش وليس لها الكثير من الأضرار على الشجرة والثمار.
كل من الطرق الثلاثة التي أتينا على ذكرها يستعمل فيها فضلا عن الأدوات التي تميزها سلم ثنائي كبير تصعد على درجاته مجموعة مهمتها إسقاط الثمار في حين مجموعة ثانية تتكفل بجمع الثمار التي تتناثر عادة هنا وهناك والحرص أن تكون الثمار فوق البساط فقط. كل أفراد حظيرة الجني يجمعون الزياتين التي سقطت طبيعيا قبل الجني وذلك قبل فرش البساط تحت الشجرة، هذه الحبوب تسمى نشيرة في تونس وغالبا ما يقع فصلها عن الزيتون الحي لأن نوعية زيوتها رديئة.
الطريقة الأخيرة هي  قطف الثمار مباشرة بالأصابع وهي طريقة بطيئة غير أنها صحية للشجرة والثمار ونتيجتها زيوت ذات جودة عالية، وتستعمل عادة في جني زيتون الطاولة أو أنواع زيتون الزيت التي تحمل ثمارا كبيرة الحجم، يستعمل العامل كيس معلق في رقبته ويضع به الثمار بعد قطفها كما يستعمل سلم خفيف الوزن ينقله معه من شجرة إلى أخرى.
معدل الكمية التي يمكن لعامل أن يجمعها يوميا تقدر حسب بعض الدراسات (معهد الزيتونة بصفاقس) من 93 إلى 150 كلغ، وذلك حسب المعدات المستعملة لكن ما يجلب الانتباه هي كميات النموات التي تسقط من الشجرة مع الثمار خصوصا عند اعتماد طريقة الضرب بالعصا ( معدل الكميات حسب نفس الدراسة 20 كلغ من النموات لكل 100 كلغ من الثمار).
الطريقتين الأكثر اعتماد في أغلب بلدان العالم هما طريقتي الضرب بالعصا و القطف وهما طريقتان تطورت كلفتهما خلال الثلاثين سنة كالتالي:
البلد
الضرب بالعصا
القطف
المغرب
5
4
تونس
4
3.5
البرتغال
12
10
إسبانيا
17
15
إيطاليا
19
15

باعتبار أشغال جني الزيتون نشاط موسمي لا يوجد في أي بلد منتج عملة مختصون في هذا المجال، في السنوات الأخيرة العديد من الدول تشكوا من ندرة اليد العاملة المهتمة بجني الزيتون، مما يجعل ثمار الزيتون تبقى على رؤوس أشجارها في بعض الحالات حتى شهر ماي وهي عملية تربك رزنامة الأشغال الزراعية الخاصة بالقطاع فضلا عن تأثيرها السلبي على الأشجار ونموها ونوعية الزيوت للثمار مفرطة النضج والجافة حيث ترتفع حموضتها ولا تستجيب في الغالب والمواصفات التجارية المعمول بها.
كل ما سبق من إشكاليات جعل العاملين في مجال البحث العلمي يبحثون عن الحلول التكنولوجية فهل تكون حلول ميكنة الجني التي توصل إليها البحث العلمي قادرة على إنقاذ قطاع الزياتين من التدهور أم أننا سنواجه بالفعل إهمالا لبعض غابات الزياتين بدعوى عدم القدرة على مجابهة مصاريف الجني.
في التدوينة المقبلة سوف نحاول "إن شاء الله" حوصلة ما توصلت إليه تكنولوجيا البحث العلمي في مجال جني الزيتون.
********************
عفوا: تعليقكم يهمنا برجاء ترك ملاحظاتكم في خانة التعليقات أسفله... شكرا  _ محسن لافي
ماي 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق